أخبار وطنية الباجي والصّيد غير قادرين على مواجهة الإرهـاب والاضـطـرابــات الاجتمـاعيّــة
بقلم: محمد المنصف بن مراد
قبل الانتخابات، كتبت لفائدة سي الباجي ونداء تونس استنادا الى قراءة في برنامجهما السّياسي وانطلاقا من وعودهما ورفضهم للتحالف مع أيّ حركة دينيّة.. لكن بعد نجاحهما فعلا عكس ما تعّهدا به وهو ما مثّل صدمة لآلاف من التونسيين لأنّ التحالف الندائي ـ النهضوي غير طبيعي وإن فرضته الولايات المتحدة الأمريكية في إطار دعمها للاسلام السياسي المكبّل والمخرّب لمستقبل العرب.. وللتوضيح فانّي أؤكّد حقّ حزب النهضة في النّشاط لكن ما فعلته بالدولة التونسيّة وتساهلها مع الارهاب وعدم كفاءة وزرائها وخطابها الدّيني الذي لا يتماشى وطبع الشعب التونسي وخاصّة مع نسائه، كل ذلك يجعلني اليوم أرفض التحالف مع هذا الحزب دون أيّ شعور بالعداء نحوه..
وفي خضمّ المشاكل التي تمرّ بها تونس بدا لي واضحا انّ السيد الباجي قايد السبسي المسؤول المباشر عن أمن تونس وحرمة ترابها ليس له ما يكفي من العزم للاهتمام ليلا نهارا بملف الارهاب حتى يضع الجيش والأمن استراتيجية شاملة لسحق الارهابيين.. فكم من اجتماع عقد مع قيادات الجيش والأمن (دون حضور أي شخص يشتبه في انتمائه الى تنظيم متشدّد) حتى تستعدّ تونس لحرب قادمة أو لحرب استباقية وما هي الامكانات المالية والتقنية التي يجب توفيرها، وأيّ تحالفات مع حكومات أجنبية كانت أو مغاربيّة؟ وأيّ تنسيق مع الجزائر ومصر يجب القيام به حتى تنجو تونس وشعبها من عدو لا يحترم الدّين الحنيف ولا الأخلاق ولا المعاهدات الدولية ولا الحق في الحياة؟
ورغم كل ما كتبناه منذ أشهر فانّ رئاسة الجمهورية تتابع الاضطرابات الخطيرة التي قد تهدّد تونس في الأشهر القادمة دون أن تتخذ موقفا صارما، والأخطر من ذلك أنّها لم تتحرّك بما فيه الكفاية لتنظيم اجتماعات ـ على أعلى مستوى ـ بين الجيش والأمن استعدادا للحرب ضدّ الارهاب وداعش..
فلماذا تغيب الإرادة لدى السيد الباجي قاقيد السبسي ومتى يخطّط لحرب تجتثّ هذا الطاعون الذي يهدّد أمن تونس وسلامة شعبها؟ نحن لا نطالب الرئيس بارتداء زيّ الجيش والصّعود إلى الشعانبي بل فقط بالاشراف بجدّية متواصلة على مخطّط لشنّ حرب، مع تطهير المؤسّستين الأمنيّة والعسكريّة من كل أزلام النظام السابق (أي الترويكا) الذين قد يكونون اخترقوا هذين الجهازين.. انّ القائد الأعلى للجيش ـ وهو السيد الباجي ـ مطالب بالتدخّل والاشراف حتى يستعدّ جيشنا وأمننا لحرب لم يكونا مستعدين لها خاصّة بعد الاختراقات زمن الترويكا! ومن موقعي كإعلامي، أنصح السيد الباجي بالاستماع للنّقد وصدّ أذنيه عن الكلام المعسول الذي يمجّده ويضخّمه!
أمّا على مستوى رئاسة الحكومة، فإنّ ضعفها بات مفضوحا.. فالسيد الحبيب الصيد غير مؤهّل لقيادة هذه المرحلة الخطيرة التي تتطلّب رجل دولة حازما لا يزعجه المدافعون عن «حقوق الانسان»، ولا يزعجه تغيير القيادات الأمنية والديوانية وفي الحرس والتي يشتبه فيها، حتى تنتصر تونس في حربها على الارهاب.. انّ ضعف الدولة أمام المندسّين في المظاهرات والحارقين للمراكز الأمنية والداعين الى «قلب الحكومة» أمر في منتهى الغرابة، ومع احترام الحق في التظاهر السلمي، لا بدّ من يد حديديّة وأحكام قاسية ضدّ كل من يضرّ بالملك العمومي وخاصّة مراكز السيادة! انّ اجلاء المراكز من الأمنيين عند مهاجمتها ومحاولة حرقها عمل مرفوض يجب التصدّي له بكل حزم وصرامة، لأنّ مغادرة الأمنيين بأمر من القيادات شبه خيانة وتؤكد ضعف الدولة!
يجب تطبيق القانون، واحترام تعليمات السلّم التفاضلي في ردّ الفعل أمر لا مفرّ منه ولكن أيقعل ان تنسحب الدولة أمام «كمشة» من البلطاجية والارهابيين؟.. فمن الذي اتخذ قرار اجلاء المراكز عند محاولة حرقها؟ يمكن اطلاق النار على الأرجل أو استعمال الخراطيش المطاطيّة للتصدّي للبرنامج «الداعشي» الرامي الى غزو بعض المدن التونسية، والذي يعرف أصحابه انّ الأمن سينسحب من ايّ مدينة يجتاحها العنف والحرق! انّ رجلا طيّبا مثل السيد رئيس الحكومة لايبدو مستعدا لشنّ حرب شاملة على الارهاب رغم انه لا يجهل ان أمن تونس مهدّد من قبل 3000 شخص رجعوا من سوريا ويكوّنون خلايا نائمة وأغلبهم من داعش إضافة لعشرة آلاف داعشي ينتظرون التحرّك نحو تونس انطلاقا من ليبيا..
مهما يكن من أمر، رغم بعض التحسن في الحرب على الارهاب بفضل أبناء تونس الأبطال، فإنّ بلادنا تحتاج الى رجل دولة صارم لكسر شوكة الارهاب! فأين الاجراءات ضدّ كبار المهرّبين المتحالفين مع الارهاب؟ وأين مراقبة المساجد والجمعيات ومتى يتمّ إقصاء المتشدّدين؟ وأين الغلق الفوري لرياض الأطفال التي تعمل على زرع الفكر الداعشي في نفوس الأطفال؟ متى يتّم تغيير الأطر الديوانية والأمنية وفي الحرس وفي الجيش الذين عيّنهم المرزوقي والجبالي والعريض؟ وأين السياسة الخارجيّة التي ستنهي مسلسل التحالف مع الأطراف الارهابيّة المقنّعة بالمدنيّة عندما تطأ أرجلها أراضي بلادنا؟ وأين الدعوة للقضاة من أجل صرامة أكبر في تعاملهم مع قضايا الارهاب؟ وإذا عجز المسؤولون المدنيون التونسيون عن اتخاذ قرارات صارمة ضدّ الارهاب فعلى كبار الضباط العسكريين والأمنيين ان يخطّطوا لحرب شاملة ضد الارهابيين، مع احترام الدستور ونتائج الانتخابات! انّ بلادنا تشكو غياب مسؤولين سياسيين تونسيين مؤهلين للإطاحة بهذه الآفة، ونحن نحمد الله انّ أبناء الجيش والأمن والحرس أبطال ولولا تضحياتهم لحدثت الكارثة، وذلك رغم كلّ الخيانات!
أمّا بخصوص الاضطرابات الاجتماعيّة المكبّلة للاقتصاد ولمستقبل أبنائنا التلاميذ، فالمسألة باتت في منتهى الخطورة، طالما استمرّت الحكومة في ميوعتها ولم تقتطع أيام الاضرابات من الأجور ولم تنه الوقفات الاحتجاجيّة التي تغلق المعامل وتمنع القطارات من التحرّك وتقطع الطرق!
انّي احترم أي نقابة وأيّ مجموعة تعبّر سلميا عن مطالبها، بل انّي أساندها في ذلك، لكنّي أرفض ان تصبح تونس بلاد اضرابات مدمّرة بعد ان أصبحت أرض جهاد. وفي هذا الصدد أتفق مع كل العائلات التونسيّة التي تعتبر انّ اضراب المدرّسين والتهديد بعدم اجراء الامتحانات جريمة في حقّ مستقبل التلاميذ.
في الختام أعتقد أنّ مواقف المرزوقي والجهلة المتشدّدين الداعية الى تحرّكات شعبيّة أمر في منتهى الخطورة، فهي ترمي الى إثارة الفتنة وفتح الحدود أمام الارهاب وتدمير الدولة وأمنها حتى تعمّ الفوضى وربما يدخل «داعش» للجنوب التونسي.. انّ خجل الحكومة والرئاسة في هذا الموضوع يثير الحيرة بل لا نرى أيّ مبرّر له.
ثمّ هناك سؤال بسيط أطرحه على السيد حسين العباسي: لماذا تفاقمت الإضرابات بصفة مدمرة الآن في حين لم نشاهد هذا التسونامي من الإضرابات زمن الترويكا؟